نظر مقاصدي في نازلة إغلاق المساجد لمنع انتشار وباء كورونا – د. محماد رفيع

نظر مقاصدي في نازلة إغلاق المساجد لمنع انتشار وباء كورونا – د. محماد رفيع

د. محماد رفيع

لقد سألني أحد الكرام عن نازلة إغلاق المساجد في عدد من الدول ومنها بلدنا الحبيب. فأجبته قائلا:
أرى أن نازلة إغلاق المساجد بالمغرب أو بغيره من البلدان مدار الحكم عليها جوازا أو منعا على سبيل الحتم أو دونه، على مدى تحقق موجب الإغلاق من جهة، وتعذر الجمع بين مصلحة استمرار الشعائر الجماعية ومصلحة حفظ أبدان عمار بيت الله من جهة ثانية.
فهذا هو في نظري محل النقاش.
أولا: من حيث تحقق موجب الإغلاق، فالأمر يرجع إلى السلطة المختصة في البلد، فإذا ثبت لديها أن درجة الخطورة للوباء تستدعي منع أي تجمع، يكون الموجب قد تحقق وتقع المسؤولية عليها حصرا.
ثانيا: فإذا تحقق موجب الإغلاق مع تحقق موجب إقامة الجماعات والجمعات شرعا، يؤول الأمر إلى تعارض بين مصلحتين شرعيتين لزم درؤه.
والقول بالتعارض يستلزم كما تقرر أصوليا استفراغ الوسع في البحث عن سبل الجمع بين المصلحتين، وهنا يطلب الإبداع في ابتكار وسائل الجمع.
وإذا استفرغ الوسع في البحث. عن السبل الفنية والتنظيمية والصحية والتربوية… للجمع فتعذر. حينها وحينها فقط بالتعبير الرياضي نرجح مصلحة حفظ الأبدان على حفظ الشعائر الجماعية لأن المصلحة الأولى بها تتحقق الثانية. مع أن هذه الأخيرة جزئية من كلية حفظ الدين لأنها تتعلق بشعيرة الجماعات التي اختلف في حكم وجوبها على الأعيان بخلاف حكم الصلوات الخمس المرتبط بذمة الأعيان الذي هو واجب عيني مؤقت في كل الأحوال بالإجماع.
ثالثا: السؤال المنهجي بناء على ما ذكر، هو هل نحن في حكم مرحلة الجمع؟ أو في مرحلة الترجيح؟
في نظري الانتقال رأسا إلى الترجيح كما هو الحاصل يتوقف على أمرين اثنين نرجو أن يكونا قد حصلا وهما:
أحدهما: النظر إلى الشعائر الجماعية في بيوت الله مصلحة شرعية استراتيجية ناظمة لمفهوم مصلحة الأمن القومي بالتعبير المعاصر، وليست مجرد روتين ديني أو تطوع فردي. ولعل سنة المغاربة تاريخيا في اللياذ إلى بيوت الله عند الشدائد تضرعا وفق ما عرف باللطيف يصب على نحو ما في هذا المعنى.
ثانيهما: حصول تقارير طبية وعلمية من خبراء على أن مجرد خروج الناس من بيوتهم خطر على صحتهم قبل أن يصلوا إلى المساجد. وهذا من اختصاص السلطة الوصية وهي المسؤولة عنه ولا يمكن الافتئات عليها.
رابعا: الموجب لتساؤل الناس وشكوكهم في مسألة إغلاق المساجد مع حفظ الأذان، ما يجري في الواقع من التسوق الجماعي والتنقل الجماعي، والسير الجماعي على الطرقات، وذلك أخطر من التجمعات في الصلوات الخمس مع إمكان تنظيمها وتقنينها سواء من حيث المكوث الزمني أو من حيث العدد، أو من حيث التعقيم القبلي.
حفظ الله بلدنا وأهلنا والناس أجمعين.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *