تمهيد:
المقصود بالتحقيق المقاصدي لعبادة الصلاة: النظر في تحقق مقاصد هذه العبادة، بمختلف أنواعها ومراتبها، من حيث الوضع (مقاصد الشارع ومقاصد المكلفين)، ومن حيث العموم والخصوص والأهمية والحاجة إليها (المقاصد العامة والمقاصد الخاصة والمقاصد الجزئية)، ومن حيث حظ المكلف (مقاصد أصلية ومقاصد تبعية).
والبحث في هذه المقاصد هو بحث في الأساس الذي جاءت من أجله الشريعة، فمن المسلم المقطوع به عند علماء الأمة، أن الشريعة الإسلامية إنما جاءت لتحقيق مقاصد، تهم مصالح الناس في العاجل والآجل، كما صرح بذلك القرآن الكريم، وترجمته السنة النبوية تطبيقا عمليا، وكما بينه علماء الأمة منذ التأسيس النظري لعلم المقاصد في القرنين الثالث والرابع الهجريين، إلى النضج والاكتمال المنهجي في القرن الثامن الهجري مع الإمام الشاطبي -إمام المقاصد-، وصولا إلى الإحياء والتجديد في النصف الثاني من القرن الماضي (القرن الرابع عشر الهجري) مع الأستاذين علال الفاسي والطاهر بن عاشور رحم الله الجميع.
وقد نال البحث والتفصيل في مقاصد العبادات عامة، وفي مقاصد الصلاة خاصة، حظه وافرا في الدراسات بمختلف تخصصاتها، بداء من الوحي (قرآنا وسنة) وعلومه، وصولا إلى مقاصد الشريعة باعتباره “علما من جملة العلوم”[1]، وألفت في ذلك مؤلفات عديدة، لعل أولها كتاب “الصلاة ومقاصدها” للحكيم الترمذي[2]، وكتبت فيها مقالات علمية كثيرة.
التعريف بالكتاب ومؤلفه:
كتاب “أقم الصلاة لذكري” الصادر عن مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات، ضمن سلسلة كتب إلكترونية، هو بحث في مقاصد الصلاة، كما يشهد بذلك عنوانه الذي هو جزء من الآية 14 من سورة طه، وكما بين ذلك المؤلف في مقدمة الكتاب واختارها لتعريف الكتاب في ظهر الغلاف. حيث قال: “فهذا كتاب تدبري لشعيرة الصلاة، عماد الدين، يروم تحقيق عدة أهداف تربوية تعليمية تدبُرية لهذا الركن العظيم” وهي أهداف أربعة تربط الإنسان بالغاية من وجوده على هذه الأرض، كما تربط قلبه في أدائها بموجده وخالقه، وتذكرة تنفعه في نفسه وعائلته، وسائر محيطه، وتعيد للإسلام ما انتقض من عراه.
ومؤلف الكتاب فضيلة الدكتور عبد الصمد الرضى، أستاذ التعليم العالي تخصص الاجتهاد والتطورات المعاصرة، ومدير المركز الدولي للبحث العلمي، ومستشار ومؤلف في المجال التربوي، كتب في مقاصد القرآن، ومقاصد العبادات، ومقاصد التصرفات الضابطة للمعاملات الإنسانية، ومن ذلك ما نشر على موقع منار الإسلام الذي يعرض النسخة الإلكترونية للكتاب الذي نقدم له.
ويقع الكتاب في 110 صفحات من الحجم المتوسط، وينتظم بعد المقدمة في عشرة فصول، الناظم بينها معجزة الإسراء والمعراج التي فرضت فيها الصلاة، والتي هيمنت تفاصيلها على مقاربة عدد من فصول الكتاب.
وقد اختار المؤلف بعض عناوين هذه الفصول كما اختار عنوان الكتاب لفظا من آيات قرآنية وأحاديث نبوية، فعنوان الكتاب “وأقم الصلاة لذكري”، ومن عناوين الفصول “واسجد واقترب”، و”اشتقت إلى إخواني”، و “حفظك الله كما حفظتني” و”أرحنا بها يا بلال”، فيما عنون بقية الفصول بمعنى جاءت به عدد من الآيات والأحاديث النبوية، أو لمقصد من مقاصد تشريع الصلاة عامة كالاجتماع مع مواكب المصلين والصالحين، ومقاصد حكم من أحكام الصلاة كمقاصد الوضوء والتكبير وفاتحة الكتاب والركوع والسجود، وهو ما سأبينه في المقاصد العشرة للصلاة من خلال هذا الكتاب.
المقاصد العشرة للصلاة من كتاب “وأقم الصلاة لذكري”
المقصد الأول: ذكر الله تعالى
وهو المقصد الأعظم للصلاة، ولعل ذلك ما جعل الكاتب يضعه عنوانا لكتابه: “وأقم الصلاة لذكري”، واللام في “لِذِكْرِي” للتعليل “أَيْ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ أَنْ تَذْكُرَنِي، لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُذَكِّرُ الْعَبْدَ بِخَالِقِهِ. إِذْ يَسْتَشْعِرُ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِمُنَاجَاتِهِ”[3]، ولذلك أوجب الله عز وجل على المسلمين ترك كل ما يشغل عن ذكر الله وقت الصلاة من يوم الجمعة لقوله تعالى: “إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ” (الجمعة: 9)، تعليما لهم حتى يكونوا في سائر الأيام ” رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ” (النور: 37)، والصلاة من الذكر بل هي أعظم الذكر لأنه يجتمع فيها ذكر اللسان، وخضوع القلب والجوارح لله تعالى، وهو أدعى للامتثال، مصداقا لقوله تعالى: ” وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ” (العنكبوت: 45).
فذكر الله كما يكون باللسان وهو من أعظم الطاعات وأحبها إلى الله تعالى، وبه يتجدد الإيمان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم “جددوا إيمانكم”، قيل: يا رسول الله، وكيف نجدد إيماننا؟ قال: “أكثروا من قول لا إله إلا الله”[4]، يشمل كذلك كل ما يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى عملا والتزاما بمقتضى كلمة التوحيد ورسالته، وفي مقدمة ذلك كله الصلاة.
المقصد الثاني: تجديد التوبة والإنابة
لما كانت الغاية من خلق الإنسان هي عبادة الله، والرجوع إليه بالتوبة والإنابة اختيارا، فقد كانت الانطلاقة الأولى لمواكب المصلين -وهو عنوان الفصل الأول- بأوبة والدينا ا لكريمين آدم وحواء عليهما السلام إلى الله تعالى، وبقبول المولى منهما والرضى عنهما، ثم كانت منهما الحسنة الجارية الدائمة بناء المسجد الأول للصلاة لتنطلق مواكب المصلين عبر الزمان منذ رفع إبراهيم عليه السلام القواعد وتضرع للمولى الكريم أن يجعل من ذريته من يحافظ على الصلاة، إلى البعثة العظمى، بعثة أشرف المخلوقين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتعم بركة البناء الأول فتصير الأرض كلها مسجدا وطهورا لمواكب المصلين الطائعة الراكعة من أمته صلى الله علسه وسلم.
والصلاة تتكرر في اليوم والليلة ليجدد المؤمنون الذين يقيمون الصلاة توبتهم لله تعالى مع كل تكبيرة، وفي كل ركوع وسجود، عسى أن يتداركهم الرحمن الرحيم برحمته فيتوب عليهم كما تاب على أبيهم آدم، وتاب “عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ”، و”هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” سبحانه.
المقصد الثالث: الخضوع لله وطاعته في الأمر والنهي
من مستلزمات التوبة ومن مقاصد الصلاة العظيمة الخضوع لله والاستجابة إليه وطاعته في الأمر تذللا وتقربا إليه سبحانه بالفرض والنفل تحقيقا لقوله تعالى: “واسجد واقترب” وهو العنوان الذي اختاره المؤلف للفصل الثاني، وكذا طاعته في النهي تجنبا لكل ما يبعد عنه عز وجل من المحرمات والمعاصي تحقيقا لقوله تعالى: “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”، وهو من توابع الطاعة ومقاصد الصلاة، إذ كلما كان المؤمن أقرب للطاعة كان أبعد من المعصية.
ولا شك أنه من كان هذا ديدنه فإن عطاء الله له سيكون أعظم وأرفع، وهو ما تؤكده معجزة الإسراء والمعراج التي جعلها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم سموا في مقامات القرب العظيمة، كيف لا وهو الذي تحمل أعباء الرسالة صابرا محتسبا، وداعيا بالهداية للعرب والناس أجمعين، في مكة وفي الطائف وفي غيرهما، رغم أنه قوبل بالسخرية والاستهزاء والاعتداء، واضعا مقصد الدعوة للخير والهدى فوق كل اعتبار.
وهي عطايا ممتدة لمن تبعه صلى الله علسه وسلم ممن يشتغلون بدعوة الناس للخير، ومن إذا كلوا لم يملوا، وإذا حزبتهم الهموم فزعوا إلى الصلاة، وانتهوا عن الفحشاء والمنكر، وأمروا بالمعروف، واجتمعوا على الذكر والمذاكرة والتعاون على البر والتقوى.
المقصد الرابع: الدعاء والتضرع لله تعالى
الصلاة مناجاة -كما بينا في التمهيد-، وقد فرضت في الإسراء والمعراج بعد أن ناجى النبي صلى الله عليه وسلم ربه وقد كذب وأوذي فأعلى الله شانه وقدره حتى وصل إلى سدرة المنتهى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليه فيما يوحى خمسين صلاة فناجى النبي الكريم الرب الرحيم بإشارة من الكليم موسى عليه وعلى نبينا السلام مرات حتى صارت خمسا، لكن رحمة الله وفضله كبير جعل الصلاة “في الأداء خمس وفي الثواب خمسون” وهو العنوان الذي وضعه المؤلف للفصل الثالث، مؤكدا في ختامه أن الصلاة منبع الخيرات، ومزرعة الفضائل، ومرقاة في مدارج الإيمان.
وكيف لا تكون الصلاة كذلك وهي فرصة ليكون فيها العبد أقرب ما يكون من ربه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم حين فرضت عليها أقرب إلى ربه، يؤكد ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد، فأكثروا الدعاء”[5]، وهو توجيه منه صلى الله عليه وسلم بالإكثار من المناجاة والتضرع لله والتوجه إليه بالدعاء كما يتوجه إليه بالثناء والحمد والتعظيم والخضوع.
المقصد الخامس: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم
من مقاصد الصلاة العظيمة أن يتعلق المؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم محبة واقتداء، تعلق محبة لأنه صلى الله عليه وسلم أحب إخوانه واشتاق إليهم، وهو القائل صلى الله عليه وسلم في شأنهم “اشتقت لإخواني”، وهي العبارة التي اختارها المؤلف عنوانا للفصل الرابع، تعبيرا عن شوق منبعث من قلب الرحمة المهداة ممتد في الزمان، لمن يأتون بعده صلى الله عليه وسلم، فكيف لا يبادلونه المحبة وهو الرؤوف الرحيم بهم كما وصفه الله تعالى “بالمومنين رؤوف رحيم” (التوبة: 128).
وتعلق اقتداء لأنه صلى الله عليه وسلم دل إخوانه الذين يأتون من بعده على بعض تجليات المحبة، بدءا من الطهارة حسا ومعنى، استعدادا للوقوف بين يدي الجليل في الصلاة.
المقصد السادس: الطهارة الحسية والمعنوية
الطهارة مقصد عظيم من مقاصد الصلاة، ولذلك كان الوضوء شرطا لصحتها، وبه تعرف أمة الإسلام “يأتون غرا محجلين من الوضوء”، فمن أتقنَ وضوءه، وأخلص نيته، ورفع همته، كانت صلاته مرقاة في درجات القرب من المولى ا لكريم سبحانه، لأن الله يحب التَوّابين، ويحبُّ المتطهرين.
وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقُول بعد الوضُوء: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين”[6]، كما علمنا أن نتوضأ عند النوم كما نتوضأ للصلاة، وأن نحافظ على الوضوء لأنه عنوان الطهارة الظاهرة والباطنة ومبتدؤها، وأقرب القربات وأفضلها، وسبب تنزل الرحمات، ومجلبة لحسن الختام إذا انقضى الأجل، كما بين ذلك المؤلف في الفصل السادس الذي عنونه بـ “قطرات الوضوء رحمات المغفرة” لما في ذلك من استعداد قلبي وروحي بأداءات بدنية يسيرة، يخرج المتوضئ بأدائها على الوجه المطلوب نقيا من الذنوب بينه وبين ربه، كما يتطهر من الذنوب بينه وبين العباد بأداء الحقوق وحفظ الأمانات، والوفاءِ بالعهود.
المقصد السابع: دوام الاستقامة
من مقاصد تعدد الصلوات في اليوم والليلة تحقيق الاستمرارية في الاستقامة على شرع الله، والديمومة على ذلك، وقد أخبر الصادق المعصوم أن الصلاة تدعو للمؤمن المحافظ عليها بالحفظ، “حفظك الله كما حفظتني” وهي العبارة التي جعلها المؤلف عنونا للفصل الخامس، وليس حفظ الصلاة والمحافظة عليها والاستقامة بالأمر اليسير إلا على من يسره الله عليه، ممن خشع قلبه له سبحانه، قال تعالى “وَاسْتعَيِنوُا باِلصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وِإنَّهاَ لكَبيِرةٌ إِلَّا علَىَ الْخاَشِعيِنَ” (البقرة: 44)، فالخشوع أول علم يمضي ويُختلس، حتى إنه “يوشك أن تدخل مسجد الْجمَاَعةِ فلَاَ ترَىَ فيِهِ رَجلُاً خاَشِعاً”، وبالخشوع يتم تحديد مراتب الناس في الصلاة.
ومن حفظ الصلاة والمحافظة عليها كما بين المؤلف المحافظة على مواقيتها وحدودها وأركانها، وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، لئلا يُضَيِّع شيئا منها، وطل ذلك من الاستقامة التي ينبغي للمؤمن أن يحرص عليها في علاقته بربه تحقيقا لكمال العبودية التي هي غاية وجوده.
المقصد الثامن: الراحة والطمأنينة والسكينة
تحقيق الطمأنينة والسكينة والراحة النفسية مقصد كل العبادات، وهي في الصلاة أكثر حضورا ابتداء من الأذان وهو نداء لإيقاظ القلوب للتفاعل مع ألفاظه وعباراته، المذكرة بأصول العقيدة ومفتاح السعادة والفلاح، نداء يدعو للاستجابة له والتحرك خطوة تلو أخرى قصد بيوت الله تعالى وهو محل تنزيل رحماته سبحانه للوقوف بين يديه تعالى وسط جموع المسلمين، تجتمع الأشباح والأرواح لتتصل بربها، فتنزل السكينة والطمأنينة، وتتحقق الراحة النفسية.
وقد جمع المؤلف بين النداء والغاية منه في عنوان الفصل السابع “حي على الفلاح.. أرحنا بها يا بلال”، وفي العنوان كما فصل المؤلف تذكير بواحد من رجال الأمة العظام الذي كان له شرف رفع النداء بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وكان صوته ونداؤه رحمة وراحة للنفوس المطمئنة والقلوب المتعلقة بربها.
المقصد التاسع: تعظيم الله وإجلاله
يبدأ تعظيم الله في نداء الصلاة حين يرفع المنادي الأذان معلنا ومرددا “الله أكبر”، وحين يرددها المستمعون تعظيما، ويسارعون إلى الاستجابة له خطوا حثيثا إلى المساجد، وحين يفتتح بها الإمام الصلاة موليا وجهه إلى القبلة والناس من ورائه صفا مرصوصا الكل فيه خاضع لجلال الله، يعلنون بتكبيرهم انقطاعهم عن كل شيء يشغل عن الله، فالله أكبر من كل شيء، تكبيرة تُرفع بها الحجب بين العبد وربه، فيدخل في حُرمة حضرة ربانية، يناجي ربه بفاتحة الكتاب في حوار رائع ماتع بين العبد وربه، بمجامع الحمد له عز وجل وحسن الثناء عليه وجميل تمجيده سبحانه. وقد جمع المؤلف بين نداء الصلاة وفواتحها في عنوان الفصل الثامن “الله أكبر.. فاتحة الكتاب”.
ثم تأتي اللحظة الأولى من لحظات الانكسار، لحظة “الركوع والسجود راحة العابدين” كما عنون المؤلف الفصل التاسع، مؤكدا أن الركوع صورة من صور التذلل بين يدي العظيم سبحانه، وانكسار أمام عظمته وكبريائه، وسلطانه وملكوته، تسبيحا بذلك “سبحان ربي العظيم ثلاثا”، وأن السجود خضوع لله تبارك وتعالى بالحال والمقال، وفيه شرع الدعاء تأكيدا على فقر الإنسان وحاجته لمولاه الغني الغفور الرحيم.
المقصد العاشر: التعارف والتآلف مع مواكب الصالحين
من مقاصد الصلاة العظيمة تحقيق التعارف بين المسلمين الذي ينتصبون صفوفا في المسجد في وحدة ونظام وتآلف للأجساد تكون هي مقدمة التآلف بين الأرواح.
وليس التآلف مقتصرا على الصالحين في زمن واحد، بل الصلاة تجمع الأرواح في رابطة قلبية “مع مواكب الصالحين” وهو العنوان العاشر للفصل الأخير من فصول الكتاب، حيث يؤكد المؤلف حفظه الله على أنها رابطة مستمرة إلى يوم القيامة، تجمع أجيالا من الصالحين، يدعو بعضهم لبعض في مواطن الدعاء الكثيرة، ومنها الدعاء في التشهد الأخير من كل صلاة “السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين” قبل الصلاة والتسليم على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وقبل إعلان السلام خروجا من الصلاة، ليرجع إلى معاشه في انتظار صلاة جديدة وهكذا حتى يلقى الله تعالى.
وبهذه العبارات ختم المؤلف كتابه في ليلة السابع والعشرين من رجب لسنة 1441، وبها نختم هذه القراءة، سائلا المولى الكريم سبحانه حسن الخاتمة، آمين، والحمد لله رب العالمين.
[1]– الشاطبي، أبو إسحاق، الموافقات في أصول الشريعة، شرحه وخرج أحاديثه الشيخ عبد الله دراز، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2001م، 1/ 11.
[2]– هو أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن بشر، ترمذي آخر مشهور غير الترمذي المحدث، وهو أول من استعمل لفظ “المقاصد” وجعله بارزا في عنوان كتابه.
[3]– ابن عاشور، محمد الطاهر بن محمد، التحرير والتنوير، «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، الدار التونسية للنشر، تونس، سنة النشر: 1984 هـ، 16/201.
[4]– المستدرك على الصحيحين للحاكم، كتاب التوبة والإنابة، رقم: 7726.
[5]– صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم: 773.
[6]– سنن الترمذي، الجامع الصحيح، أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقال بعد الوضوء، رقم: 52.
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *