تقرير اليوم الرابع لمن دورة “مهارات الاجتهاد المقاصدي” – ذ. فوزية الزاودي

تقرير اليوم الرابع لمن دورة “مهارات الاجتهاد المقاصدي” – ذ. فوزية الزاودي

تقرير اليوم الرابع للدورة العلمية التدريبية في مقاصد الشريعة “مهارات الاجتهاد المقاصدي”

إعداد: فوزية الزاودي

في إطار الدورة التدريبية في موضوع: “مهارات الاجتهاد المقاصدي” التي ينظمها المركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة، ويؤطرها الدكتور سالم الشيخي عن بعد عبر تطبيق زوم. عقدت الحصة الرابعة من الدورة يوم الأربعاء 02 دجنبر 2020.

بدأت الحصة على الساعة السادسة مساء و عشرون دقيقة باعتذار مدير الدورة الدكتور ربيع حمو عن التأخير الخارج عن إرادة إدارة الدورة. وشكر جميع المشاركين على إنجازهم للتطبيقات التي قاموا بإنجازها بخصوص المهارة الثانية. ثم أعطى الكلمة لمؤطر الدورة الشيخ سالم الشيخي للتعليق على عمل المشاركين وتصحيح ما يجب تصحيحه، والتطرق إلى المهارات الموالية.

 واستهل الشيخ حفظه الله البرنامج التدريبي لليوم الرابع بتقديم ملاحظاته على أعمال المشاركين لتطبيق المهارة الثانية وهي إلحاق المصالح بالمراتب المناسبة.

ومن المسائل التي عقب عليها الشيخ:

  • مسألة “إسقاط الجنين إذا كان في استمراره ضررا محققا على الأم” فبين من جهتين على أن المحافظة على الأصل وهي “الأم” أولى بالمحافظة عن الفرع وهو “الجنين” ومن جهة أخرى وهو أن حياة الأم متيقنة وحياة الجنين غير متيقنة وبذلك فلا تكون درجة حياة الجنين كدرجة حياة الأم.
  • مسألة ” النظر إلى العورة” حيث ذكر أن هناك من ألحقها بالضروري في حالة نظر الرجل لعورة الرجل، وفي خالة نظر الطبيب إلى عورة المريضة تم إلحاقها بالتحسيني. فبين أن هذا التعارض لا يصح، وقد تعمد الاتيان بهذه الأمثلة للتعميق في النظر والتدريب على مهارة الإلحاق بالمراتب المناسبة، وبذلك يجب أن يكون الإلحاق بالمرتبة المناسبة واضحا ومستقلا، لأن عدم الإلحاق المناسب يسبب خللا في تحليل المسألة والحكم عليها.
  • ونوه بأعمال المجموعة الحادية عشر التي اعتبرها نموذجا مثاليا في التحليل، يجب اتباعه في تطبيق المهارة الثانية.

ثم بعد ذلك اعطيت الكلمة للمشاركين لطرح أسئلتهم على الشيخ، والتي أجاب عليها وقدم مجموعة من الفوائد العميقة والتي ستعين المتدرب على تطوير مهاراته، ومنها:

  • يجب أن لا يحصل الخلط بسبب تسمية الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى، للكليات الخمس بالضروري، وهذه التسمية تربك الكثير من الباحثين وطلاب العلم، حيث تجعلهم هذه التسمية يتصورون أن هذه الكليات لا علاقة لها بالحاجي ولا بالتحسيني، إلا أن الكليات الخمس فيها المرتبات الثلاث، ففيها ما هو ضروري وفيها ما هو حاجي وتحسيني كذلك.
  • الضابط في تحقيق المصلحة أو المفسدة، هو غلبة الظن، والحكم بالأغلب فيما يتعلق بوقوع المفسدو أو المصلحة. ومثل لذلك بمسألة الخمل، فإذا أكد الاطباء أن استمرار الحمل سيسبب في ضرر للمرأة، فيجب تنزيل هذا المتوقع منزلة الواقع، إلا إذا كانت هناك دراسة على أن فعل ما ستؤدي إلى نتيجة ما وذلك قطعا، فعندها سيكون الحكم بالقطع وليس بغلبة الظن وينزل المتوقع منزلة الواقع، والأدلة كثيرة على ذلك منها مسائل تمت دراستها من قبل وعلى سبيل المثال:
  • امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم عن إعادة بناء البيت على قواعد إبراهيم، حيث أنزل الحكم المتوقع منزلة الواقع.  وكذا امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين.
  • بين أن مرتبة المفسدة تكون بحسب القسمة الثلاثية للمفسدة يعني الضروري والحاجي والتحسيني، باعتبار ثقل المفسدة.
  • شرح أنه في مسألة تقديم العقل على النفس، فلقد بين الشيخ أن في هذه المسألة خلاف أصلا بين العلماء في أيهما يقدم، فأكثرهم قالوا أن أصلا كليات حفظ العقل والنسل تلحق بحفظ النفس،لأن العقل جزء من النفس وبذلك فإن الكليات ستؤول إلى ثلاث: حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ المال. وحفظ النسل هز بضع من حفظ النفس.
  • أكد الشيخ على أنه عند التحليل يجب أن يكون معيار صحيح في المفاسد والمصالح، بمعنى أن الأحكام الشرعية التي أمرت بالحفاظ على المصلحة هي الواجبات والمندوبات التي فيها ندب المصلجة الدنيوية والأخروية، ويجب أن ينظر إلى تلك المصلحة على أنها نظر مجرد. ومثل لذلك بقضية “النظر المتعمد” أو “غض البصر”.فيمكن التعبير “بمصلحة غض البصر” أو “مفسدة إطلاق البصر”. فالإلحاق الصحيح لمفسدة إطلاق النظر مثلا سيعين عل تحليل الآلاف من المسائل ومنها ما هو متعلق بالطب والقضاء وغيرها من المسائل المرتبطة بموضوع “النظر” .
  • وفي الأخير نصح الشيخ مجموع المشاركين بتجربة قراءة شروح الآيات في كتب التفسير كتفسير ابن كثير أو كتب أخرى ككتاب بلوغ المرام للشوكاني بنظرة مقاصدية، وكما عبر عنها “لباس نظارة المقاصد”. وهذه القراءات ستساعد طالب العلم على الفهم الصحيح وتعميق النظر المقاصدي لديه.

بعد هذه الإفادات، شرع الشيخ حفظه الله في التعريف بالمهارات ثلاث وهي:

  • مهارة الموازنة بين المصالح والمصالح
  • مهارة الموازنة بين المفاسد والمفاسد
  • مهارة الموازنة بين المصالح والمفاسد

وكمدخل لهذه المهارات الثلاث، ذكر الشيخ بالمقولة العميقة لسيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “ليس العاقل هم من يعلم الخير من الشر، ولكن العاقل هم من يعلم خير الخيرين وشر الشرين”

ولذلك بين بأن الموازنة بين المصلحة والمصلحة، وكذا الموازنة بين المفسدة والمفسدة أصعب بكثير من الموازنة بين المصلحة والمفسدة.

بعد ذلك، عرف الشيخ المصلحة والمفسدة حيث قال أن المصلحة والمفسدة ضدان، ولذا يصعب الحديث عن تعريف أحدهما دون ذكر الأخر في السياق نفسه، ولو اكتفينا بتعريف المصلحة وبيان حقيقتها فحسب، فتعرف المفسدة على أنها خلاف المصلحة لتحقق المفصود.

وقال أن تعريف المصلحة لغة هو الخير والصواب، وأما اصطلاحا فحسب الاستقراء هناك ثلاث اتجاهات للعلماء في تعريفها:

  • تعريف الإمام العز بن عبد السلام وأخرون وهو التعريف المطلق للمصلحة وهي أن “المصلحة منفعة أو لذة ، سواء في كانت دنيوية أو أخروية”.
  • تعريف الإمام الغزالي وغيره وهو التعريف باعتبارها وصفا مقصودا للشارع حيث قال: “المصلحة هي المحافظة على مقصود الشرع”
  • تعريف محمد سلام وغيره من المعاصرين وهو التعريف الجامع بين الأمرين وهي ” الأخذ بما يجلب المنفعة ويدفع المضرة في نطاق القواعد العامة للشريعة”.

ثم قام بذكر مجموعة من التعاريف للمفسدة الذي صاغته الأستاذة نيرمين محمود من مجموع كلام ابن عاشور،وهي أن المفسدة هي: “إتلاف ما هو نافع للناس نفعا محضا أو راجحا وإلحاق الضر بهم دائما أو غالبا للجمهور أو الآحاد”

وللتدريب على مهارات الموازنة في حالاتها الثلاث بين الشيخ أن لابد من إعمال مجموع من القواعد الخاصة بكل حالة، والتي جمعها الشيخ حفظه الله من الأقوال المتناثرة والمتعددة في كتب الفقهاء رحمهم الله تعالى. وصاغها صياغة تقعيدية وقدمها بين يدي المشاركين. فذكر بعجالة أربعة قواعد عامة تخص فقه المصالح والمفاسد (لأنه لا يسمح الوقت بالتطرق لكل تلك القواعد)، وعشرون قاعدة وضابط مرتبطة بمهارة الموازنة بين المصالح والمصالح ، وأربعة قواعد وضوابط متعلقة بمهارة الموازنة بين المفاسد والمصالح، وأخيرا ذكر القواعد والضوابط المتعلقة بمهارة الموازنة بين المصالح والمفاسد. وأكد انه لا يمكن للمهتم أن يتقن الاجتهاد التنزيلي دون استحضار لهذه القواعد.

وبين المقصد الأساسي لمثل هذه الدورة، هو الجمع بين الدوائر الثلاث التي تمت دراستها، وذلك في إطار واحد متماسك ومترابط بحيث ينتج نظرا منضبطا. وهذه الدوائر هي:

  • دائرة الكليات الخمس
  • دائرة مراتب المصالح
  • دائرة قواعد الترجيح

ولهذا الهدف، قدم نماذج لثلاث جداول للتدريب علىها في مهارات الموازنة والترجيح في فقه المصالح والمفاسد وهي:

  • جدول مهارة الموازنة والترجيح بين المصالح والمصالح
  • جدول مهارة الموازنة والترجيح بين المفاسد والمفاسد
  • جدول مهارة الموازنة والترجيح بين المصالح والمفاسد

حيث رتب عموديا في الجدول مراتب المصالح والكليات إلى خمسة عشر مرتبة تبدأ بالمرتبة الأولى للضروري لحفظ الدين وتنتهي بالتحسيني لحفظ المال. و بين أن الترتيب لهذه المراتب المصالح والكليات هو متعمد بحيث أن الضروري لحفظ المال هو مقدم على تحسيني لحفظ النفس  وهكذا حسب الترتيب المبين في الجدول. كما رتب قواعد الموازنة والترجيح أفقيا إلى ثنائي من  ست مجموعة، منها ما هو متعلق بالأجل حيث نجد المعجل والمؤجل وعيرها من القواعد.

ثم بعد شرح ببعض الأمثلة لنماذج للجداول، بين الإطار العام لتصميم النماذج في فقه المقاصد والتي يلتزم عند صياغة النماذج إلى:

  • فقه بحقائق الأدلة والأحكام الشرعية مع فقه المقاصد المرعية
  • فقه بالضوابط والمرجحات المطلوبة عند التعارض والتزاحم
  • فقه بالواقع الذي يتحرك فيه العلماء (زمانا ومكانا وحالا وإمكانية وقدرة).

و بين بعد ذلك خطوات العمل المطلوبة للايتفادة من الجداول والنماذج المقترحة:

  • الخطوة الأولى: تحليل النازلة أو الفتوى أو الحكم الشرعي تحليلا مقاصديا
  • الخطوة الثانية: تحديد المصلحة أو المفسدة الأولى وإلحاقها بالمرتبة المناسبة والكلي الذي تتعلق به
  • الخطوة الثالثة: تحديد الخانة المناسبة افقيا لهذه المصلحة أو المفسدة
  • الخطوة الرابعة: وضع المصلحة أو المفسدة الأولى على الجداول في المكان المناسب لها حسب التصنيف والإلحاق السابق
  • الخطوة الخامسة : تحديد المصلحة أو المفسدة المعارضة أو المزاحمة للمصلحة أو المفسدة الأولى، وتطبيق الخطوات السابقة عليها
  • الخطوة السادسة: الموازنة من خلال الترتيب الذي يبرز على النموذج ليتبين أولى المصلحتين بالتقديم او أولى المفسدتين بالدفع أو الأولى بالتقديم جلب المصلحة أو دفع المفسدة ثم صياغة النتيجة صياغة مقاصدية.

بعد الشرح للنماذج المقترحة والخطوات الواجب اتباعها لعملية الموازنة بين المصالح والمفاسد،أخذ بعض المشاركين الكلمة لإنجاز بعض التمارين باستعانة بالشيخ لتصحيح وتصويب هذه العملية.

 وبذلك التدريب الممنهج والمضبوط انتهت حصة اليوم الرابع لهذه الدورة العلمية التدريبة في مقاصد الشريعة.

والحمد لله رب العالمين

 

 

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *