تقرير عن الحصة الأولى لدورة “مهارات الاجتهاد المقاصدي” – ذ. لخضر حمادي

تقرير عن الحصة الأولى لدورة “مهارات الاجتهاد المقاصدي” – ذ. لخضر حمادي

تقرير: ذ. لخضر حمادي

افتتح المركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة يوم الإثنين 23 نونبر 2020 أول أيام الدورة التدريبية في موضوع “مهارات الاجتهاد المقاصدي” التي يؤطرها الدكتور سالم الشيخي عن بعد عبر تطبيق زووم.

وانطلقت الفعالية كما كان مبرمجا على الساعة السادسة مساء بالتوقيت الدولي، بكلمة مدير الدورة الدكتور ربيع حمو، افتتح فيها الدورة بالترحيب بالحضور والتذكير بأهداف الدورة والتعريف بمؤطرها الشيخ الدكتور سالم الشيخي، وزير الأوقاف الليبي السابق والأستاذ الجامعي والفقيه المقاصدي؛ قبل أن يحيل الكلمة على السيد مدير المركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة الدكتور محماد رفيع، الذي اعتبر انطلاق هذه الدورة لحظة مباركة متميزة، وعبر عن سعادته غاية السعادة بافتتاحها، كما رحب بالشيخ المؤطر وشكر له قبوله تأطير هذه الدورة، كما عبر عن شكره وامتنانه لإدارة الدورة وشكر لهم جهودهم المباركة، ورحب بجميع المشاركين والمشاركات.

كما ذكر بأن هذه الدورة لها تميز خاص :

1ـ بمؤطرها العلمي: وهو رجل من علماء هذه الأمة الذين نفخر بهم وقد جمع الله فيه ما تفرق في غيره من علم وعمل وإيمان، تلقى العلم من شيوخ كبار وأضاف إليها الخبرة العملية التي حصلها من رحلاته في أقطار عدة، مما أكسبه خبرة بالمناطات المعاصرة على اختلافها وتشابكها وتعددها سواء في أوروبا وغيرهافإن تحدث عن خبرة التنزيل، فعن خبرة ناضجة يتحدث.. كما اعتبره رجلا من السلف تأخر به الزمان، ودعا الحاضرين للزوم غرزه.

2 ـ من حيث موضوعها: حيث أن بناء مهارات وإكساب قدرات في التنزيل المقاصدي هو من دقائق الدقائق.

3 ـ من حيث النخبة المشاركة في هذه الدورة من أساتذة جامعيين وباحثين من مختلف الأقطار .

قبل أن يحيل مدير الدورة الكلمة على الدكتور سالم الشيخي الذي شكر المركز على تنظيم الدورة، ومهد بالحديث عن أهمية التدريب وجدواه مذكرا بتجربة اليابان التي ظهرت في بداية الستينات بثوب جديد وأداء قوي أذهل العالم، ولم يكن ذلك إلا نتيجة التدريب؛ منبها أن هذه المادة تبحث عن جواب واضح عن سؤال الكيف. كيف يمكن أن نحول المعارف والمفاهيم والأفكار إلى واقع ملموس؟ سعيا إلى تحقيق سد الفجوة التي ظهرت في تاريخنا الإسلامي بين النظرية والتطبيق.

كما عرج على بيان منهجية الإشتغال الفقهي، حيث يفترض في معالجة النوازل أن يبدأ المجتهد بتوصيف المسألة ووضعها في باب من الأبواب ثم يرجع إلى الأدلة يرتبها حسب حسب درجة كل أصل، لينتج بعد ذلك حكما فقهيا؛ إلا أن منهج كثير من الفقهاء اليوم يبدأ مباشرة بالنظر إلى التراث الفقهي نظر تكييف لأجل إلحاق نازلة اليوم بمسألة سابقة، دون النظر ابتداء إلى أصول المسألة.

وقد تميز تقديمه للندوة بالأمثلة التطبيقية التي ساقها مدللا على اختلاف هذين المنهجين وعلى رجاحة النظر المقاصدي وأهميته، ومن الأمثلة التي ساقها الدكتور سالم الشيخي:

المثال الأول:

« أطباء مسلمون بدول غير إسلامية يجلسون إلى زملائهم في جلسات عمل على طاولات يوضع عليها خمر يتناوله غيرهم من غير المسلمين »

فالنظر الأصولي كما سماه، يستند إلى نص واضح في تحريم الجلوس في مجلس يدار فيه الخمر، فيحرمون على هؤلاء الأطباء جلوسهم في مثل هذه الجلسات.

أما النظر المقاصدي، فينظر إلى المسألة على أنها تهم أولا جلوس أطباء مسلمين جلسة عمل يدار فيها الخمر على غيرهم من غير المسلمين ..

وإذا كان هذا الجلوس بهذه الظروف تتحقق منه مفسدة ملحقة بكلية حفظ العقل، فإن هذه المفسدة لا تتجاوز الحد التحسيني لأنها محرمة تحريم وسائل، ومن باب سد الذرائع .. وبالمقابل فإن رفض هؤلاء الأطباء المسلمين العمل في هذه الظروف مؤد إلى مفسدة طردهم من العمل، وهي مفسدة متعلقة بحفظ المال وهي لا تنزل عن درجة الحاجي ، وبالموازنة بين المفسدتين فإن الحاجي مقدم على التحسيني، فيوجه الأطباء في هذه الحالة إلى تقوى الله ما استطاعوا لكنهم إذا لم يجدوا بدا فلا بأس .

المثال الثاني:

« سائل يريد زرع كلية لحفظ الحياة، ولا يجد إلا الاقتراض الربوي »

أما النظر الأصولي فقوله في المسألة يستند إلى تحريم الربا..

وأما النظر المقاصدي فينظر إلى المسألة موازنا بين:

ـ المفسدة التي تتحقق مع المرض، وهي إما ضرورية أو حاجية تؤدي إلى حرج ومشقة شديدة أو مفسدة تحسينية (في حال كون العملية المطلوبة تجميلا مثلا)

ـ المفسدة المترتبة عن التعاقد الربوي وهي مرتبطة بكلية حفظ المال ..

فتكون المسألة موازنة بين ضروري في حفظ النفس وضروري في حفظ المال.

ليقرر بعد ذلك أن النوازل اليوم  تستلزم نظرا مقاصديا ، وأن على الفقيه ألا يصل بالتشريع إلى حالة انغلاق ، مذكرا ببعض نماذج هذا النظر في عهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حيث منع نكاح الكتابيات وفيه نص صريح، ويؤكد أن فعله هذا مبني على الموازنة بين:

ـ مصلحة الزواج بالكتابية وهي في درجة التحسيني ضمن كلية حفظ النسل

ـ ومفسدة عدم زواج المسلمات وهي في درجة الحاجي ضمن كلية حفظ النسل

وبالموازنة، قدم الحاجي على التحسيني.

ليقدم بعد ذلك برنامج الدورة العام وهو يشمل :

1ـ مهارة الإلحاق بالكليات الخمس

2 ـ مهارة الإلحاق بمراتب المصالح الثلاث

3 ـ مهارة الموازنة بين المصالح والمصالح

4 ـ مهارة الموازنة بين المفاسد والمفاسد

5 ـ مهارة الموازنة بين المصالح والمفاسد

وهذه مهارات هذه الدورة تليها تدريبات عامة .

وضمن دورة أخرى :

6 ـ مهارة اعتبار المآل

7 ـ مهارة تحقيق المناط الخاص

قبل أن يختم هذا التقديم بأمثلة أخرى عملية منها مثال منع النساء من الحجاب في الجامعات ومثال القروض الربوية لاقتناء السكن بالدول غير المسلمة ..

ـــــــــــــــ

وبعد استراحة قصيرة استأنفت الدورة بعرض معد مسبقا توصل به المشاركون تم عرضه على الشاشة بالتزامن مع الشروح المقدمة من طرف المدرب، وهو عبارة عن تمهيد عام للدورة تطرق فيه المدرب ل:

ـ الفرق بين الدورات التعليمية والدورات التدريبية

ـ الحديث عن أهمية الدورة من جانب الوجود ومن جانب العدم

ـ التعريف بالدورة وذكر أهدافها

ـ  التذكير بالعمليات الأساسية للتدريب

ـ التعريف بالمهارة وشروط اكتسابها

وقد تميز طرح الشيخ في كل ذلك بإيراد الأمثلة التطبيقية الموضحة لما يقترحه ويلح عليه، فتحدث عن مثال طعن المنافقين في النبي صلى الله عليه وسلم، فقتلهم مصلحة، وبقاؤهم مفسدة « أبقى » عليها النبي صلى الله عليه وسلم تجنبا لمفسدة أعظم وهي أن يقول الناس إن محمدا يقتل أصحابه؛ كما تحدث أيضا عن مسألة هدم الكعبة وإقامتها على أصول إبراهيم عليه وسلم، حيث بالرغم مما يحققه الأمر من مصلحة، إلا أنه صلى الله عليه وسلم تركه اتقاء مفسدة هي التأثير على حديثي العهد بالإسلام.. كما أورد في سياق حديثه عن بعض النوازل المعاصرة مسألة تتعلق برفض شاب مسلم مصافحة ملكة هولندا عند زيارتها لأحد المساجد، مع ما ترتب عن ذلك من لغط إعلامي كبير، ففصل في حكم مصافحة الأجنبية وأن إتيانه مفض إلى مفسدة ضمن كلية حفظ النسل (هذا الحكم يضبط المجتمع الإسلامي عن الوقوع في الزنا) غير أنه في درجة التحسيني، لأن درجة الضروري يرتب ضمنها الزنا، والحاجي ما قارب الزنا، أما المصافحة فهي مما يُتوقى معه الوقوع في ما يؤول إلى الزنا، فهو في درجة التحسيني، وأما رفض مصافحة الملكة فتترتب عنه مفاسد كبرى ..

وانتهت الدورة بالتذكير بالموعد القادم، وختم الشيخ سالم الشيخي .

2 تعليقات

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

2 التعليقات

  • أسماء معاش
    25/11/2020, 11:30 ص

    تقرير مفصل وشاف كاف؛ ولعلكم ترفقونه التسجيل مرئي للفعاليات هذه الدورة المباركة.
    جزى الله خيرا مركز المقاصد والشيخ سالم الشيخي وجميع المشاركين والقائمين على هذا الصرح العلمي الذي أصبحت الحاجة إليه ضرورية وملحة وعاجلة.

    الرد
  • بارك الله في جهودكم.
    كنت قد بعثت بطلب المشاركة في الدورة لكنني لم أتلق ردا في الموضوع…وشكرا.

    الرد