تقرير عن محاضرة “تجديد أصول الفقه بين المبدأ والإجراء” للدكتور نعمان جغيم

تقرير عن محاضرة “تجديد أصول الفقه بين المبدأ والإجراء” للدكتور نعمان جغيم

تقرير: ذ. خالد البورقادي/ باحث في أصول الفقه

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين

في إطار الأنشطة العلمية والإشعاعية للمركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة، نظم هذا الأخير يوم السبت 15 ذو القعدة 1442هـ/ الموافق ل 26 يونيو 2021م محاضرة علمية في موضوع: “تجديد أصول الفقه بين المبدإ والإجراء”.

المحاضرة أطرها الدكتور نعمان جغيم خريج جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، والأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة السلطان الشريف علي الإسلامية ببروناي، وصاحب مشروع أكاديمي لإعادة صياغة مباحث أصول الفقه ومقاصد الشريعة. وسيرها الدكتور مولاي مصطفى صوصي باحث بالمركز.

انطلقت المحاضرة على الساعة الثانية بعد الزوال بتوقيت المغرب (gmt+1) بآيات بينات من القرآن الكريم، ثم تقديم المسير للضيف المحاضر.

استهل الدكتور نعمان محاضرته ببيان المراد بالتجديد في هذا السياق؛ فهو إظهار الشيء في قالب جديد.

وبخصوص أصول الفقه؛ فالمادة الأساسية موجودة، ولكنها لا تلبي رغبة المستفيد منها، فنحتاج إلى صقلها وإضافة عناصر جديدة بما يجعلها في قالب جديد يتسم بالحسن والتناسق، ويلبي غرض المستفيد منها.

وذكر الأستاذ المحاضر بمحاولات التجديد في أصول الفقه التي بدأت مبكرا مع مطلع القرن الخامس الهجري مع أبي الحسين البصري في كتابه: “المعتمد في أصول الفقه”، وابن عقيل الحنبلي في كتابه: “الواضح في أصول الفقه”، والزركشي في كتابه: “البحر المحيط في أصول الفقه”. ليتحدث بعد ذلك عن منطلقات التجديد، والتي أجملها في خمس:

– المحافظة على طبيعة علم أصول الفقه؛

– تخليص أصول الفقه من المادة الدخيلة التي أقحمت فيه؛

– تحرير المسائل الأصولية، وإبراز جوهرها بعيدا عن الجدل الكلامي والمذهبي؛

– صياغة المباحث الأصولية بطريقة تبتعد فيها عن التنظير  التجريدي للمتكلمين، وعن أسلوب التبرير المذهبي للفقهاء؛

– تقريب علم أصول الفقه إلى  المتعلمين؛ بعرض مباحثه بطريقة منهجية وأسلوب واضح يمكن القارئ من استيعابه، مع المحافظة على ثراء المادة الأصولية.

فالنظرية الأصولية التي يتحدث عنها الدكتور جغيم تحتاج صياغة بمنهجية تستفيد من جميع المذاهب الفقهية والكلامية دون الوقوع في الاستقطاب المذهبي.

لذلك ألح الدكتور المحاضر على ضرورة  المحافظة على طبيعة علم أصول الفقه؛ فالنظرية الأصولية ينبغي أن تبقى في إطار ما تدل عليه   كلمتا: “أصول”  و”الفقه”.

فالأصول تدل على مصادر الحكم الشرعي، ومناهج استمداده من مصادره، والفقه: استنباط الأحكام الشرعية وتنزيلها على وقائع الحياة.

ووضح الأستاذ المحاضر أن القاضيين: الباقلاني وعبد الجبار حاولا الخروج بعلم أصول الفقه عن طبيعته، وجعله نظرية عامة للمعرفة والفلسفة الإسلامية، ولكن هذا الطريق لم يكن مرضيا عند تلاميذهما؛ لذلك عمل أبو الحسين البصري على تعديل مشروع قاضي المعتزلة عبد الجبار، وكذلك فعل الجويني والغزالي في تعديل مشروع قاضي أهل السنة الباقلاني.

وفي العصر الحاضر ينبغي الابتعاد عن حشو هذا العلم بمسائل من العلوم الإنسانية والاجتماعية، بل والعلوم الكونية، وذلك من أجل:

– إدراك واقع الحياة الذي هو واقع الحكم الشرعي؛

– الاستفادة من ذلك في تكوين تفكير منهجي.

فالتكامل بين العلوم الشرعية وبين علوم الإنسان قائم، ولابد من الاستعانة بأهل الاختصاص في تقرير الحكم الشرعي، ولكن ذلك لا يقتضي إدخال شيء من تلك العلوم في علم أصول الفقه.

وقد بين الأستاذ المحاضر على أن محاور التجديد الأصولي تنحصر في أربعة محاور:

1- التنقيح:

ويقصد به تنقيح أصول الفقه من المسائل الكلامية التي لا تخدمه مباشرة، وتنقيح أصول الفقه من المنطق الصوري.

2- التحرير:

هناك مباحث في علم أصول الفقه تحتاج تحريرا، من قبيل: مباحث الأمر، والإجماع، والحقيقة والمجاز، والنسخ، والقياس، والأدلة المختلف فيها.

3- الإثراء:

ويقصد به دمج جواهر المباحث المقاصدية ضمن النظرية الأصولية، ورفدها بما يستخلص من مباحث مناسبة لها من الكتابات حول: أصول التفسير، وبلاغة القرآن الكريم وإعجازه، وكيفية التعامل مع مختلف الحديث، والقواعد والفروق الفقهية.

4- الإطار النظري:

أفضل إطار وضع لأصول الفقه هو ما فعله الشافعي، حيث بنى النظرية الأصولية على البيان، أي كيفية بيان القرآن الكريم والسنة النبوية للأحكام، ثم جاء الغزلي فصاغ علم أصول الفقه في نظرية متكاملة.

وختم الدكتور المحاضر محاضرته بتقديم ملامح عامة للإطار النظري، وقد لخصها في: الحكم الشرعي، ومصادره، والاجتهاد.

ليعطي المسير الكلمة بعد ذلك لفضيلة الدكتور محماد رفيع رئيس المركز حيث شكر المحاضر والحاضرين، وأشاد بالطرح النقدي الذي قدمه الدكتور نعمان جغيم في محاضرته من خلال الأسئلة المقلقة التي أثارها.

ثم فتح المسير الباب للمتدخلين بالإضافة والسؤال، حيث تفاعل الأستاذ المحاضر مع جملة أسئلة زادت المحاضرة إغناء وإثراء.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *