علماء وباحثون يفككون خطاب علماء التطبيع ويؤكدون مركزية القضية الفلسطينية

علماء وباحثون يفككون خطاب علماء التطبيع ويؤكدون مركزية القضية الفلسطينية

اجتمعت كلمة نخبة من العلماء والأساتذة الباحثين في ندوة دولية نظمها المركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة في موضوع: “نحو تفكيك خطاب علماء التطبيع”، وأكدت مداخلاتهم التي قاربت الموضوع من زوايا مختلفة أن القضية الفلسطينية قضية الأمة الإسلامية المركزية وأن المتهافتين على التطبيع يخالفون الشريعة ومصلحة الأمة ويغالطون المتتبعين بما يبررون به صنيع الحكام المطبعين.

وفيما يلي تقرير مفصل عن الندوة:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على الذي جاء بالحق وعمل به، وعلى  آله وصحابته أجمعين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى  التابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين

      نظم المركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة يوم السبت: 8 صفر 1442 هـ الموافق لـ 26 شتنبر 2020 م، ندوة علمية في موضوع” نحو تفكيك خطاب علماء التطبيع” .

      وقد جاءت هذه الندوة في سياق يستدعيها؛ تكالب أعداء الأمة على قلبها النابض” القضية الفلسطينية”، واستنجاد الأنظمة السياسية بدعاة التطبيع من العاملين بالمؤسسات الدينية، لتسويغ التطبيع وإلباسه لباسا شرعيا يغطي جرائم الاحتلال، وهم بذلك يبيعون الدين بالتين.

      وتنظيم هذه الندوة هو قيام بواجب  النصيحة للعلماء والمؤسسات  الشرعية والدينية وعموم المسلمين؛ وعرض لآراء دعاة التطبيع على مشرط التحليل والنقد والتقويم، احتكاما لأصول النظر الشرعي، واستصحابا للقصود الشرعية  والكونية في توجيه حركة الأمة وحفظ مصالحها العاجلة والآجلة ودفع المفاسد عنها.

      أدار  الندوة فضيلة الدكتور عبد العظيم صغيري (أستاذ بجامعة القرويين وأستاذ زائر بجامعة قطر). وأسهم فيها السادة الأساتذة الفضلاء:

-الدكتور أحمد كافي، أستاذ الفقه والأصول والمقاصد.

-الدكتور عبد الله الجباري، باحث في أصول الفقه ومقاصد الشريعة.

الدكتور محماد رفيع، رئيس المركز العلمي للنظر المقاصدي.

– الدكتور نواف هايل تكروري، رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج.

      افتتحت الندوة بكلمة قاصدة لمسير الندوة: الدكتور عبد العظيم  صغيري ذكّر فيها بسياق الندوة وأهدافها؛  والتبيه  الى خطر انخراط بعض العلماء في حملة تسويغ جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وانه  مسوغ  ملح لتفكيك خطاب دعاة التطبيع، وبيان تهافته، وبعده عن النظر الشرعي الصائب.

      وردفا على ذلك، استهل الدكتور أحمد كافي مداخلته التي وسمها ب “العلماء والموقف الشرعي من المقدسات (فلسطين أنموذجا)” بالتذكير بأهمية اليقين في نصر الله وموعوده بالنصر والتمكين للصالحين المصلحين؛ كما نبه على خطورة  ظهور طينة من أشباه “العلماء” يعملون على تبرير الاغتصاب الصهيوني  وتقبله بل والتوقيع عليه، وأن الواجب على العلماء العاملين تفكيك خطاب التطبيع، و دحضه بالحجة، وفضح  المطبعين وتعريتهم، وتحريض الناس على الجهاد بالكلمة والقلم والفتوى، وحثهم على الدعاء والصمود.

      وتركزت مداخلة الدكتور كافي على نقد  منهج علماء التطبيع في توظيف النصوص الشرعية، وتأكيد قصوره إلى افتقاره إلى الفهم السليم والنظر السديد، ممثلا لذلك بمنهج مناولتهم لنصوص “السمع والطاعة”، وبيان مخالفته لما استقر عليه النظر منهج الرعيل الأول من هذه الأمة زمن النبوة والخلفاء الراشدين… مؤكدا أن المقصود الشرعي في فهم نصوص الطاعة والخروج عن الحاكم، هي الطاعة “المتبصرة ” لا “الطاعة العمياء”،  وأن الطاعة أولي الأمر تكون  في المعروف لا في المنكر.

      وفي مداخلة ثانية للدكتور عبد الله الجباري،  موسومة ب” الخطاب العلمائي المساند للتطبيع: سياقه ومغالطاته”. أفردها للحديث عن سياق ظهور الخطاب  المساند للتطبيع  وارتهانه بالمتغيرات السياسية العالمية، وأن من اهم تجلياته انحراف العلماء وتغير مواقفهم اتجاه قضايا الأمة عموما والقضية الفلسطينية بشكل خاص.

      كما حدد الجباري ثلاث آفات لها تأثير بارز  في وظيفة العالم: أولها ” العالم الأجير”،  وارتماء العلماء في أحضان العدو الصهيوني والخادمين له من الحكام؛ وافتقار بعض العلماء لصفة العالم العدل. ودعا الجباري إلى إعلان البراءة من الفقهاء المطبعين، والانفتاح على غير الصهاينة من اليهود، و تثمين الحركات المقاطعة للكيان الغاصب.

      وفي مداخلة ثالثة بعنوان: “منهج الاستدلال عند علماء التطبيع: مقاربة أصولية وسبر مقاصدي”. استهلها  الدكتور محماد رفيع  بمقدمة مختصرة حقق في القول بلزوم نقض خطاب التطبيع وحتميته وراهنيته بوصفه منهجا قرآنيا وهديا نبويا، فضلا عن كونه منهجا علميا لحماية الاستدلال .

      وقد توسل رئيس  المركز العلمي  للنظر المقاصدي  في مناولة القضايا الصميمية  لنقد استدلال علماء التطبيع؛  بمقاربة ثنائية جامعة بين المنهج الأصولي والنظر المقاصدي في بيان تهافت هذا الخطاب أصوليا ومقاصديا وفساده، وهو ما حكم بفساد مآلاته. وألمع إلى أن عواقب وتبعات تدخلات الكيانات المجهرية في مصر واليمن؛ وأنه لا عبرة بالشعارات المثيرة؛ من قبيل الجنوح إلى قيم السلم ونشر المحبة.

      وفي مداخلة رابعة خصها الدكتور نواف هايل تكروري لتحليل منهج التعامل مع حادثة صلح الحديبية بين الداعين للتطبيع والرافضين له. منبها إلى أن المستفيد من التطبيع هم الصهاينة؛ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد استفاد من صلح الحديبية في التفرغ لغير المشركين في مكة، فإن الصهاينة سيستغلون هذا التطبيع في النيل من خيرات الأمة وعزتها وكرامتها.

      وأكد الدكتور نواف أن أغراض صلح الحديبية زمن الرسول صلى الله عليه وسلم غير أهداف التطبيع ومآلاته؛ فإذا كان صلح الحديبية قد تلاه انتشار الإسلام وعزة المسلمين وأمنهم، فهل سيؤدي التطبيع إلى استرجاع الأراضي المغتصبة، وعزة وكرامة الأمة المفقودة؟

      وفي ختام الندوة أكد الدكتور عبد العظيم صغيري على أنه ليس من أهداف الندوة المس بكرامة الأشخاص ومكانتهم، وإنما المقصود هو تفكيك الخطاب وإظهار تهافته؛ بالحجج الواضحة والبراهين الساطعة.

      وقد عرفت الندوة حضورا لافتا، وتفاعلا علميا  ووجدانيا يليق بحجم  القضية الفلسطينية، وواجب نصرتها،  وواجب العماء في تحقيق   هذا المقصد، بناء  على محورية ” أرض المقدس”  في تحديد وجهة الأمة ومصيرها تاريخا  حاضرا  ومستقبلا.

تقرير: الدكتور يونس محسين

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *